كروسة البوعزيزي

هو القدر إذن يستجيب للشعوب التواقة للحرية العاشقة للإنعتاق من قبضة الظلم ، المضحية بأغلى ما يملكه الإنسان بهذا الوجود حتى تعيش في أمن وأمان وطمأنينة وعدل ومساواة وديمقراطية حقيقة مستوحاة من اقتراحات أبنائها لا شرقية ولا غربية ، لا فرنسية ولا أمريكية ، ديمقراطية من الشعب وإلى الشعب ، لا تعرف إلا الولاء له والوفاء بما وعِد به .

هو القدر يستجيب لمثل هكذا نوع من الشعوب ، وهو الضغط من يدفع أبناء هذه الشعوب لتتوافق مع استجابة الأقدار ليشكلا معا درسا في فن السياسة مفاده أن من زاغ عن سكة العدل وانحرف عن جادة الحكم بما يكرم الإنسان وأغمض عينيه عن الطغيان الممارس على شعبه وما أنصت لآهات هذا الأخير ، فإن مصيره سيكون لا محالة مزبلة التاريخ والتقوقع في حيز الطرد والمقت والغضب العام والكره الشامل .

من كان يظن أن تضييق الخناق على عربة " محمد البوعزيزي " سيضيق من فسحة الدنيا على رئيس كان إلى حدود ليلة أمس يحكم بلادة بقوة النار وصلابة الحديد ، ليدفعه بعد بضعة أيام من وفاة " البوعزيزي " إلى إعلان وفاته السياسية وفراره من " فردوس " الحكم إلى " نيران " اللجوء السياسي ؟؟؟

من كان يعتقد أن عملية الحد من حرية عربة تدفعها يدا شاب عاطل عن العمل ستدفع بشعب مضطهد إلى الخروج عن بكرة أبيه ليدفع بنظام عشعش فيه الفساد ففرخ مفسدين من كل نوع ومصاصي دماء في كل اتجاه إلى التنحي عن السلطة ؟؟؟

ولا واحد من المحللين السياسيين أو " المنجمين " أو المتابعين لما جرى في تونس الخضراء كان يتنبأ بهذه النهاية ، ولا أحد كان يجزم بوقوع ما وقع ، فأيام معدودات من النضال المستميت كانت كافية لتمسح أعواما من حكم بن علي لتؤكد للعالمين صدق ما قرره التاريخ في دروسه وتداولته البشرية جيلا عن جيل من أن البغي إذا استفحل في أمة أخرجها عن صمتها المألوف ، وأن الظلم إذا زاد عن حده فسينقلب لا محالة على الظالمين وسيعود عليهم بما لا تحمد عقباه .

الآن وقد رحل بن علي كما رحل من قبله رؤساء وزعماء وقادة من غير تأسف عليه أو على حاشيته ، سيظهر نفاق الأنظمة العابر للقارات والحدود ، وسيكيل بن علي من هذه الأنظمة ـ سواء العربية منها أو الأجنبية ـ ما ساء وخبث من ألقاب ونعوت وصفات وكلمات ، وسيمسي كما كان نكرة يتنكر له حتى أقرب الناس إليه ، وسيلجأ كل رئيس وزعيم إلى جعل قواته الخاصة والعامة والاحتياطية في أقصى درجات التأهب خوفا على كرسيه من انتقال العدوى " التونسية " إليه ، وسيضطر كل حاكم عربي إلى أن يخرج حكمة معاوية من رفاتها ليستنجد بها في تسيير حكمه وشؤون البلاد التي يحكمها ، فقد سئل معاوية رضي الله عنه عن سر حكمه للناس عشرين سنة وهو أمير وسر حكمه لهم عشرين سنة وهو خليفة ، فجعل السر كله في شعرة أحد طرفيها في يده والآخر في أيديهم ، فإذا شدوها من جهتهم أرخاها من جهته حتى لا تنقطع ، وإذا أرخوا من جهتهم شد من جهته .

و ما بين " شعرة " معاوية و " عربة " بن علي دروس وعبر تستفاد وتلتقط ورسائل توجه وترسل ، فالأولى لا تصلح للطوارئ والمستجدات والاستثناءات فقط ، وإنما تؤخذ بعين الاعتبار في كل الظروف والأحوال ، وتصلح للتطبيق ما لم تقع الفأس في الرأس ويغلب الداء الدواء و يتسع الخرق على الراقع ، والثانية قد تدوس على رقاب ورقاب لا يرى أصحابها في الشعوب إلا أرقاما وجدت لتخدم أرصدتهم في بنوك الغرب ، ولا ينظرون إليها إلا من بروج عاجية ولا يهتمون إلا بمصالحهم الذاتية ومآربهم الشخصية ورغباتهم السلطانية ولا يؤمنون بأن رياح هذه الشعوب قد تجري بما لا تشتهيه سفن السلطة .

فهل تسمع لو ناديت حيا ؟؟؟

أم أنه لا حياة ولا حياء لمن تنادي ؟؟؟

http://www.goulha.com

الفــــــقـــــــر والشجـــــــــــــــــــــــــــــــاعــــــــــــــة

البوعزيزي لعب الحظ دورا كبيرا معه حتى وقع ما وقع
مثله يعمرون بلدان عديدة لا احد استجاب لمطالبهم ما عدا القبر هم الدي استجاب لهم

كروسة البوعزيزي

كروسة البوعزيزي

رد: كروسة البوعزيزي

رد: كروسة البوعزيزي