الإستراتيجية الأمنية والتحديات المعاصرة
موقع الوظيفة العمومية للدعم و المساعدة :: منتدى الوظيفة العمومية :: قسم الاستفسارات المترشحين للمباريات العسكرية :: المترشحين لمباريات التوظيف بالادارة العامة للامن الوطني - Concour De Police
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الإستراتيجية الأمنية والتحديات المعاصرة
إن التخطيط غدا من سمات العصر الحديث بل لا نغالي إذا قلنا انه ( أي
التخطيط ) من قبيل المسلمات في وقتنا الحاضر وقاسما مشتركا في سائر شئون
حياتنا سواء الخاصة أو العامة .
ومتى كان ذلك ,فان التخطيط يكون
واجبا من باب أولى بالنسبة للأجهزة التي تضطلع بمهام قومية وتفرض عليها
ظروف وطبيعية عملها وضع خطط تكفل لها النهوض بمسئولياتها ومواجهة مخاطرها
وتحدياتها .
ومن قبيل ذلك , وبكل تأكيد, أجهزة الأمن باعتبارها
القوامة على كفالة الأمن والاستقرار , وبحسبانها ركيزة للتنمية والتقدم في
المجتمع , ذلك أن الأمن هو التنمية وبدون تنمية لا يوجد امن , إضافة إلى
ذلك , فان الظروف والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها على
الساحتين الإقليمية والدولية فرضت نفسها وبشكل حتمي على ارض الواقع ,
واقتضت بالضرورة مواجهة ما أفرزته من مشكلات لها انعكاسات على الأمن
بدرجات متفاوتة فضلا عن مواجهة الجريمة في سائر صورها وأشكالها ودرجاتها
بأسلوب علمي يواكب النمط العلمي المتخصص الذي ترتكب به الجريمة سواء في
جانبه المتعلق بفكرة الجريمة ذاتها أو في طريقة ارتكابها ووسيلة إتمامها ,
خاصة ما يعرف بالجريمة المنظمة أو جرائم خارج النطاق , وجرائم العنف
والإرهاب التي أصبحت ظاهرة خطيرة تهدد وجود المجتمعات في ذاتها .
ومما لا شك فيه , أن مواجهة تلك المخاطر والتحديات تتطلب صياغة خطة لها
أبعادها ومحاورها الاستراتيجية التي تتميز بالثبات والاستقرار النسبي ,
التي تعتمد على منطلقات ومقومات لاغنى عنها حتى تحقق أهدافها المرصودة لها.
وفي ضوء المقدمات سالفة الذكر فإننا نتناول هذا الموضوع على التقسيم والتفصيل الآتي :
مبحث أول : الأمن ( فلسفة , مفهومها , ومضمونا )
مبحث ثان : متطلبات ومقومات الاستراتيجية
مبحث ثالث : النتائج المستهدفة .
( الفلسفة , المفهوم , والمضمون )
الأمن حاجة أساسية من حاجات البشر , تحتل المرتبة الثانية من حاجاته وتتلو
مباشرة في أهميتها إشباع الفرد لحاجاته الفسيولوجية والطعام والشراب ولذا
يؤثر الإحساس بفقده أو بنقصه على كيان المجتمع .
ومفهوم الأمن ومضمونه
يتفاوت من مجتمع لآخر , بل يتفاوت في المجتمع الواحد من فترة لأخرى , ومرد
هذا التفاوت والاختلاف إلى الإيديولوجية السائدة في المجتمع , والى
الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية التي يقوم على تحقيقها .
وفي ضوء ما تقدم , تنقسم دراستنا في - هذا الصدد - على النحو التالي :
مطلب أول : فلسفة الأمن .
مطلب ثاني : مفهوم الأمن ومضمونه .
فلسفة الأمن
الأمن هو إحساس الأفراد والجماعات التي يتشكل منها المجتمع بالطمأنينة ,
والشعور بالأمن والاستقرار , وهو ما يحفزهم على العمل والإنتاج , لذلك فان
الهدف الأساسي للشرطة هو إقرار السكينة والنظام ووقاية المجتمع من عوامل
الانحراف التي تهدد كيانه .
والشرطة وهي بصدد إقامة الأمن تتبع
سبيلين : الأول الأسلوب الوقائي والذي يستهدف توقي الجريمة قبل وقوعها من
خلال بعض الإجراءات الشرطية التقليدية وهي إجراءات تؤدي بالضرورة إلى
التقليل من وقوع الجرائم نتيجة لتضييق الفرص أمام المجرمين , فالشرطة لا
تقف مكتوفة الأيدي حتى تقع الجريمة فتكافحها وإنما تنفذ ببصريتها إلى
الجريمة , وهي مشكلة اجتماعية لها نوازعها وعواملها , وان سبيل الشرطة في
هذا الشأن هو إثارة انتباه المواطنين أصحاب الشأن بالدرجة الأولى في
القضاء عليها , ومن ثم تكون الشرطة قد قامت بدورها في المحافظة على قواعد
المجتمع , وإزالة الأوضاع والمشكلات التي تسبب في الميل إلى الانحراف
والجريمة . والثاني : أسلوب المواجهة وهو ملاحقة الجريمة بعد ارتكابها
وتعقب مرتكبيها لتقديمهم للعدالة .
وإذا حددت فلسفة الأمن ورسمت
خطتها على أساس دراسة أسباب الجريمة ودوافعها ووسائل المقاومة الكفيلة
بالحد من فرص ارتكابها , وفقا للأساليب العلمية الحديثة , فان الظواهر
الإجرامية لا تلبث أن تنحصر تدريجيا , ويصبح الأمن والاستقرار بديلا عن
الاضطراب والفوضى .
وخلاصة القول , إن الأمن الحقيقي هو الشعور
بملء النفس ثقة واطمئنان بالحاضر والمستقبل وهو أمر يخرج عن مقدور الأرقام
والإحصائيات أن تنبه أو تفصح عنه , وهي حقيقة لا تغيب عن احد ينعم بالأمن
إحساسًا وشعورًا .
مطلب ثاني
مفهوم الأمن ومضمونه
الأمن مثلما يحتاج إلى خطة للعمل في حاجة أيضًا إلى نظرية تقوم عليها
سياسته , ثم إلى بحوث مستمرة لتطوير هذه النظرية حتى تساير المجتمع
واحتياجاته في الأمن والاستقرار , وهذه النظرية الفلسفية هي القاعدة أو
الدعامة التي ترتكز عليها الخطة , ولا سبيل إلى قيام تخطيط سليم مالم
يستند إلى فلسفة سديدة
ويقتضي قيام تخطيط سليم لمفهوم الأمن ,
أن يستتبع بالضرورة مواجهة الجريمة ومتابعة تطوراتها , بحسبان أن الجريمة
ظاهرة اجتماعية وهي خاضعة للتطور الاجتماعي في كل بيئة من البيئات , وفي
كل جماعة من الجماعات فالجريمة والمجرم شيئان متلازمان , فلا توجد جريمة
بغير مجرم ولا يوجد مجرم بغير جريمة , فإذا كانت الجريمة تتطور فهذا شان
المجرم كذلك .
وعلى ذلك فالمجرم يتطور بتطور العلم وتطور القيم
الاجتماعية ومقتضى ذلك أن المجرم في العصر الحديث لم يعد غافلاً عن
الوسائل العلمية التي تتبعها أجهزة الشرطة وأجهزة مكافحة الجريمة في تتبع
المجرمين وتضييق الخناق عليهم واثبات التهمة في حقهم , بل قد تتجاوز
قدراتهم أحيانا في تجنب هذه الوسائل قدرات القائمين باستخدامها .
ولكن يقابل ذلك حقيقة أخرى , هي أن المجرم في العهود الماضية لم يكن في
الواقع في حاجة إلى الاستعانة بالعلم لإخفاء آثاره وتيسير فرص ارتكاب
جرائمه ما دام المستوى العام للمجتمعات في ذلك الوقت لم يكن يستلزم قدرات
علمية من المجرمين لارتكاب جرائمهم , ولم تكن الوسائل العلمية لكشف
الجرائم والمجرمين قد عرفت بعد , ولكن يبدو أن مدى التطور في العلم يجاوز
عادة قدرة المجرمين على الاستفادة من العلم , أي إن الوسائل التي يكشف
عنها العلم لمكافحة الجريمة تظل فترة غير قصير من الزمان خافية على
المجرمين حتى يتنبهوا إليها في النهاية فيواجهوها بما يبتكرونه من وسائل .
ونخلص من ذلك إلى نتيجة هامة , هي انه لا يمكن القول بان الوسائل العلمية
لمكافحة الجريمة تفقد قيمتها لمجرد أن المجرمين يواجهونها بوسائل علمية
مضادة , ولكن الذي يمكن قوله هو أن الأمر يحتاج دائما لتطوير هذه الوسائل
العلمية وتطوير كيفية استخدامها حتى لا يلحقها ركب المجرمين , وانه إذا
وقفت عند حد معين لسنوات طويلة فإنها تصبح محلا للشك في قدرتها على الوفاء
بالغرض المقصود منها .
وإذا كانت المجالات التقليدية لأجهزة
الشرطة تتمثل في المحافظة على الأمن العام , والصحة العامة والسكينة
العامة , إلا أن مضمون الأمن في الوقت الحاضر غدا أكثر اتساعا فلم يقف عند
حد تلك المجالات , بل أصبح للأمن مفهوم شامل , ومؤداه إن امن المجتمع
واستقراره لا يقومان فقط على تنفيذ القوانين , إنما يقومان أيضا على
التفكير المستمر لإيجاد الحلول الإنسانية لعلاج المشكلات الاجتماعية وعلى
تطور هذه الحلول مع تطور المجتمع .
وفي ضوء هذه النظرة الشمولية أصبح
للأمن روافد عديدة تتمثل في الأمن العام , والأمن الاجتماعي والأمن
الاقتصادي والأمن السياسي , وتلك الروافد وغيرها تغطي جميع المجالات التي
تقوم عليها أجهزة الأمن .
ومما يجدر التنويه إليه , أن الشرطة
باعتبارها أول جهاز في الدولة لمنع الجريمة لم يكن في وسعها أن تظل بعيدة
عن التطور العلمي في كيفية مكافحة الجريمة والوقاية منها .
ولاشك
إن هذا التطور العلمي في مكافحة الجريمة كان وليد التطور في علوم الجريمة
سواء من الناحية القانونية أو النفسية أو الاجتماعية , ثم بدأت نظرية
الدفاع الاجتماعي تلعب دورها في توجيه الذهن نحو الإطار الواسع لمكافحة
الجريمة بعد أن كان هذا الإطار حبيس الإجراءات والتدابير التقليدية التي
جرى العالم فترة طويلة من الزمان على مواجهة الإجرام بها.
وهكذا
لم تعد مكافحة الجريمة مقصورة على تدابير المنع أو الردع التي أنتجتها
أجهزة الشرطة فيما مضى , لكنها أضحت سياسة جنائية بكل ما تتضمنه كلمة
سياسة " من معنى " .
ولم تعد الشرطة وحدها المسئولة عن وضع
السياسة وانتهاجها , إنما تشترك معها كل الأجهزة المختصة في الدولة برعاية
الفرد والمجتمع ودعم القيم الإنسانية والخلقية فيه كون كل في حدود اختصاصه
.
مبحث ثاني
متطلبات ومقومات الاستراتيجية
يقصد بالاستراتيجية هنا ما هو قائم وما هو قادم , من ظواهر إجرامية فرضت
ظروف العصر ومتغيراته السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، مواجهتها مواجهة
متلاحقة وتعقبها تحقيقا للاستقرار الأمني .
ويتطلب لنجاح
الاستراتيجية بمفهومها المتقدم , ضرورة توافر متطلبات ومقومات لا غنى عنها
في هذا الصدد , بدونها تغدو الاستراتيجية كلمات جوفاء لا صدى لها في
الواقع .
وهنا يلزم التنبيه إلى أن ثمة فارق بين المتطلبات
والمقومات , فالمتطلبات هي دعائم أو ركائز ثابتة لا تتبدل بتغير الظروف
والأحوال , أما المقومات فهي لا تعدو أن تكون مجموعة من العناصر تتسم
بالمرونة , لتواكب المتغيرات التي تجد من وقت لآخر .
وتنقسم دراستنا- في ضوء - ذلك على النحو التالي :
مطلب أول : متطلبات الاستراتيجية
مطلب ثاني : مقومات الاستراتيجية
التخطيط ) من قبيل المسلمات في وقتنا الحاضر وقاسما مشتركا في سائر شئون
حياتنا سواء الخاصة أو العامة .
ومتى كان ذلك ,فان التخطيط يكون
واجبا من باب أولى بالنسبة للأجهزة التي تضطلع بمهام قومية وتفرض عليها
ظروف وطبيعية عملها وضع خطط تكفل لها النهوض بمسئولياتها ومواجهة مخاطرها
وتحدياتها .
ومن قبيل ذلك , وبكل تأكيد, أجهزة الأمن باعتبارها
القوامة على كفالة الأمن والاستقرار , وبحسبانها ركيزة للتنمية والتقدم في
المجتمع , ذلك أن الأمن هو التنمية وبدون تنمية لا يوجد امن , إضافة إلى
ذلك , فان الظروف والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها على
الساحتين الإقليمية والدولية فرضت نفسها وبشكل حتمي على ارض الواقع ,
واقتضت بالضرورة مواجهة ما أفرزته من مشكلات لها انعكاسات على الأمن
بدرجات متفاوتة فضلا عن مواجهة الجريمة في سائر صورها وأشكالها ودرجاتها
بأسلوب علمي يواكب النمط العلمي المتخصص الذي ترتكب به الجريمة سواء في
جانبه المتعلق بفكرة الجريمة ذاتها أو في طريقة ارتكابها ووسيلة إتمامها ,
خاصة ما يعرف بالجريمة المنظمة أو جرائم خارج النطاق , وجرائم العنف
والإرهاب التي أصبحت ظاهرة خطيرة تهدد وجود المجتمعات في ذاتها .
ومما لا شك فيه , أن مواجهة تلك المخاطر والتحديات تتطلب صياغة خطة لها
أبعادها ومحاورها الاستراتيجية التي تتميز بالثبات والاستقرار النسبي ,
التي تعتمد على منطلقات ومقومات لاغنى عنها حتى تحقق أهدافها المرصودة لها.
وفي ضوء المقدمات سالفة الذكر فإننا نتناول هذا الموضوع على التقسيم والتفصيل الآتي :
مبحث أول : الأمن ( فلسفة , مفهومها , ومضمونا )
مبحث ثان : متطلبات ومقومات الاستراتيجية
مبحث ثالث : النتائج المستهدفة .
( الفلسفة , المفهوم , والمضمون )
الأمن حاجة أساسية من حاجات البشر , تحتل المرتبة الثانية من حاجاته وتتلو
مباشرة في أهميتها إشباع الفرد لحاجاته الفسيولوجية والطعام والشراب ولذا
يؤثر الإحساس بفقده أو بنقصه على كيان المجتمع .
ومفهوم الأمن ومضمونه
يتفاوت من مجتمع لآخر , بل يتفاوت في المجتمع الواحد من فترة لأخرى , ومرد
هذا التفاوت والاختلاف إلى الإيديولوجية السائدة في المجتمع , والى
الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية التي يقوم على تحقيقها .
وفي ضوء ما تقدم , تنقسم دراستنا في - هذا الصدد - على النحو التالي :
مطلب أول : فلسفة الأمن .
مطلب ثاني : مفهوم الأمن ومضمونه .
فلسفة الأمن
الأمن هو إحساس الأفراد والجماعات التي يتشكل منها المجتمع بالطمأنينة ,
والشعور بالأمن والاستقرار , وهو ما يحفزهم على العمل والإنتاج , لذلك فان
الهدف الأساسي للشرطة هو إقرار السكينة والنظام ووقاية المجتمع من عوامل
الانحراف التي تهدد كيانه .
والشرطة وهي بصدد إقامة الأمن تتبع
سبيلين : الأول الأسلوب الوقائي والذي يستهدف توقي الجريمة قبل وقوعها من
خلال بعض الإجراءات الشرطية التقليدية وهي إجراءات تؤدي بالضرورة إلى
التقليل من وقوع الجرائم نتيجة لتضييق الفرص أمام المجرمين , فالشرطة لا
تقف مكتوفة الأيدي حتى تقع الجريمة فتكافحها وإنما تنفذ ببصريتها إلى
الجريمة , وهي مشكلة اجتماعية لها نوازعها وعواملها , وان سبيل الشرطة في
هذا الشأن هو إثارة انتباه المواطنين أصحاب الشأن بالدرجة الأولى في
القضاء عليها , ومن ثم تكون الشرطة قد قامت بدورها في المحافظة على قواعد
المجتمع , وإزالة الأوضاع والمشكلات التي تسبب في الميل إلى الانحراف
والجريمة . والثاني : أسلوب المواجهة وهو ملاحقة الجريمة بعد ارتكابها
وتعقب مرتكبيها لتقديمهم للعدالة .
وإذا حددت فلسفة الأمن ورسمت
خطتها على أساس دراسة أسباب الجريمة ودوافعها ووسائل المقاومة الكفيلة
بالحد من فرص ارتكابها , وفقا للأساليب العلمية الحديثة , فان الظواهر
الإجرامية لا تلبث أن تنحصر تدريجيا , ويصبح الأمن والاستقرار بديلا عن
الاضطراب والفوضى .
وخلاصة القول , إن الأمن الحقيقي هو الشعور
بملء النفس ثقة واطمئنان بالحاضر والمستقبل وهو أمر يخرج عن مقدور الأرقام
والإحصائيات أن تنبه أو تفصح عنه , وهي حقيقة لا تغيب عن احد ينعم بالأمن
إحساسًا وشعورًا .
مطلب ثاني
مفهوم الأمن ومضمونه
الأمن مثلما يحتاج إلى خطة للعمل في حاجة أيضًا إلى نظرية تقوم عليها
سياسته , ثم إلى بحوث مستمرة لتطوير هذه النظرية حتى تساير المجتمع
واحتياجاته في الأمن والاستقرار , وهذه النظرية الفلسفية هي القاعدة أو
الدعامة التي ترتكز عليها الخطة , ولا سبيل إلى قيام تخطيط سليم مالم
يستند إلى فلسفة سديدة
ويقتضي قيام تخطيط سليم لمفهوم الأمن ,
أن يستتبع بالضرورة مواجهة الجريمة ومتابعة تطوراتها , بحسبان أن الجريمة
ظاهرة اجتماعية وهي خاضعة للتطور الاجتماعي في كل بيئة من البيئات , وفي
كل جماعة من الجماعات فالجريمة والمجرم شيئان متلازمان , فلا توجد جريمة
بغير مجرم ولا يوجد مجرم بغير جريمة , فإذا كانت الجريمة تتطور فهذا شان
المجرم كذلك .
وعلى ذلك فالمجرم يتطور بتطور العلم وتطور القيم
الاجتماعية ومقتضى ذلك أن المجرم في العصر الحديث لم يعد غافلاً عن
الوسائل العلمية التي تتبعها أجهزة الشرطة وأجهزة مكافحة الجريمة في تتبع
المجرمين وتضييق الخناق عليهم واثبات التهمة في حقهم , بل قد تتجاوز
قدراتهم أحيانا في تجنب هذه الوسائل قدرات القائمين باستخدامها .
ولكن يقابل ذلك حقيقة أخرى , هي أن المجرم في العهود الماضية لم يكن في
الواقع في حاجة إلى الاستعانة بالعلم لإخفاء آثاره وتيسير فرص ارتكاب
جرائمه ما دام المستوى العام للمجتمعات في ذلك الوقت لم يكن يستلزم قدرات
علمية من المجرمين لارتكاب جرائمهم , ولم تكن الوسائل العلمية لكشف
الجرائم والمجرمين قد عرفت بعد , ولكن يبدو أن مدى التطور في العلم يجاوز
عادة قدرة المجرمين على الاستفادة من العلم , أي إن الوسائل التي يكشف
عنها العلم لمكافحة الجريمة تظل فترة غير قصير من الزمان خافية على
المجرمين حتى يتنبهوا إليها في النهاية فيواجهوها بما يبتكرونه من وسائل .
ونخلص من ذلك إلى نتيجة هامة , هي انه لا يمكن القول بان الوسائل العلمية
لمكافحة الجريمة تفقد قيمتها لمجرد أن المجرمين يواجهونها بوسائل علمية
مضادة , ولكن الذي يمكن قوله هو أن الأمر يحتاج دائما لتطوير هذه الوسائل
العلمية وتطوير كيفية استخدامها حتى لا يلحقها ركب المجرمين , وانه إذا
وقفت عند حد معين لسنوات طويلة فإنها تصبح محلا للشك في قدرتها على الوفاء
بالغرض المقصود منها .
وإذا كانت المجالات التقليدية لأجهزة
الشرطة تتمثل في المحافظة على الأمن العام , والصحة العامة والسكينة
العامة , إلا أن مضمون الأمن في الوقت الحاضر غدا أكثر اتساعا فلم يقف عند
حد تلك المجالات , بل أصبح للأمن مفهوم شامل , ومؤداه إن امن المجتمع
واستقراره لا يقومان فقط على تنفيذ القوانين , إنما يقومان أيضا على
التفكير المستمر لإيجاد الحلول الإنسانية لعلاج المشكلات الاجتماعية وعلى
تطور هذه الحلول مع تطور المجتمع .
وفي ضوء هذه النظرة الشمولية أصبح
للأمن روافد عديدة تتمثل في الأمن العام , والأمن الاجتماعي والأمن
الاقتصادي والأمن السياسي , وتلك الروافد وغيرها تغطي جميع المجالات التي
تقوم عليها أجهزة الأمن .
ومما يجدر التنويه إليه , أن الشرطة
باعتبارها أول جهاز في الدولة لمنع الجريمة لم يكن في وسعها أن تظل بعيدة
عن التطور العلمي في كيفية مكافحة الجريمة والوقاية منها .
ولاشك
إن هذا التطور العلمي في مكافحة الجريمة كان وليد التطور في علوم الجريمة
سواء من الناحية القانونية أو النفسية أو الاجتماعية , ثم بدأت نظرية
الدفاع الاجتماعي تلعب دورها في توجيه الذهن نحو الإطار الواسع لمكافحة
الجريمة بعد أن كان هذا الإطار حبيس الإجراءات والتدابير التقليدية التي
جرى العالم فترة طويلة من الزمان على مواجهة الإجرام بها.
وهكذا
لم تعد مكافحة الجريمة مقصورة على تدابير المنع أو الردع التي أنتجتها
أجهزة الشرطة فيما مضى , لكنها أضحت سياسة جنائية بكل ما تتضمنه كلمة
سياسة " من معنى " .
ولم تعد الشرطة وحدها المسئولة عن وضع
السياسة وانتهاجها , إنما تشترك معها كل الأجهزة المختصة في الدولة برعاية
الفرد والمجتمع ودعم القيم الإنسانية والخلقية فيه كون كل في حدود اختصاصه
.
مبحث ثاني
متطلبات ومقومات الاستراتيجية
يقصد بالاستراتيجية هنا ما هو قائم وما هو قادم , من ظواهر إجرامية فرضت
ظروف العصر ومتغيراته السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، مواجهتها مواجهة
متلاحقة وتعقبها تحقيقا للاستقرار الأمني .
ويتطلب لنجاح
الاستراتيجية بمفهومها المتقدم , ضرورة توافر متطلبات ومقومات لا غنى عنها
في هذا الصدد , بدونها تغدو الاستراتيجية كلمات جوفاء لا صدى لها في
الواقع .
وهنا يلزم التنبيه إلى أن ثمة فارق بين المتطلبات
والمقومات , فالمتطلبات هي دعائم أو ركائز ثابتة لا تتبدل بتغير الظروف
والأحوال , أما المقومات فهي لا تعدو أن تكون مجموعة من العناصر تتسم
بالمرونة , لتواكب المتغيرات التي تجد من وقت لآخر .
وتنقسم دراستنا- في ضوء - ذلك على النحو التالي :
مطلب أول : متطلبات الاستراتيجية
مطلب ثاني : مقومات الاستراتيجية
مواضيع مماثلة
» تعليمات جديدة تقيد عمل ضباط الشرطة القضائية والدوائر الأمنية
» أرميل يتفقد المناطق الأمنية بالجنوب الشرقي
» "الديستي" توظف فوجا جديدا من العناصر الأمنية
» إعداد هيكلة جديدة للمنظومة الأمنية بالمغرب
» عاجل: حارس أمن يقدم على قتل ثلاثة من زملائه داخل مخفر الشرطة بدائرة بلقصيري التابعة للمنطقة الأمنية لسيدي قاسم
» أرميل يتفقد المناطق الأمنية بالجنوب الشرقي
» "الديستي" توظف فوجا جديدا من العناصر الأمنية
» إعداد هيكلة جديدة للمنظومة الأمنية بالمغرب
» عاجل: حارس أمن يقدم على قتل ثلاثة من زملائه داخل مخفر الشرطة بدائرة بلقصيري التابعة للمنطقة الأمنية لسيدي قاسم
موقع الوظيفة العمومية للدعم و المساعدة :: منتدى الوظيفة العمومية :: قسم الاستفسارات المترشحين للمباريات العسكرية :: المترشحين لمباريات التوظيف بالادارة العامة للامن الوطني - Concour De Police
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى