مـعـلـم في الأرياف: عندما سقط "المفتيس في الغيس"
موقع الوظيفة العمومية للدعم و المساعدة :: منتدى الوظيفة العمومية :: قسم استفسارات المترشحين للمباريات العمومية :: المترشحين لمباريات المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
مـعـلـم في الأرياف: عندما سقط "المفتيس في الغيس"
زاوية يكتبها الزملاء الصحافيون والمراسلون بالتناوب ترصد واقع التدريس بالعالم القروي من خلال شهادات حية لمدرسين ومدرسات ينحتون الصخر لإنجاح هذا الشيء الذي اسمه "مدرسة النجاح"..فتحية لهم ولهن.
لا تخلو حياة المدرسين بالعالم القروي من مطبات ونكات ومواقف مضحكة ومبكية في آن واحد. في كل زمان وفي كل مكان، هناك العديد من الحكايات والقصص التي تحدث، يكون أبطالها رجال ونساء التعليم، إما فاعلين أو مفعول بهم أو مجرورين. فكم من أستاذ تعرض للاعتداء وكم من أستاذة اغتصبت وأهينت وكم من مدير ومديرة وجدوا أنفسهم في مواقف لا يحسدون عليها.
قصة اليوم قد تبدو مختلفة لأن بطلها مفتش أو "مفتيس" كما نطقها ذلك الطفل القروي في يوم من أيام شباط الباردة. يتذكر سي بوشعيب مدرس اللغة الفرنسية ذلك اليوم بدقة. فرغم أنها حدثت منتصف الثمانينات من القرن الماضي، إلا أن الصورة، صورة الحدث تغيب وتحضر أمامه كأنها وقعت منذ أيام قليلة.
يتذكر الأستاذ سي بوشعيب أنه خرج مبكرا ذلك الصباح على غير عادته. تناول فطوره وامتطى دراجته النارية وتوجه إلى مقر عمله بالفرعية التي تبعد عن مقر إقامته بحوالي تسعة كيلومترات. كان المسلك المؤدي إلى المدرسة موحلا بسبب التساقطات المطرية التي عرفتها المنطقة طيلة أيام الأسبوع الماضي، وكانت تربة المنطقة المكونة من التيرس تزيد من صعوبة التحرك.
التحق الأستاذ بالمؤسسة قبل تلاميذه، ووضع دراجته النارية قرب المطعم المدرسي وخطا خطوات في اتجاه القاعة التي يشتغل فيها. كان يعلم أن السيد المفتيش أو «المفتيس» سيلتحق به لتفتيشه من أجل الحصول على نقطة الامتياز التي تخول له المشاركة في الحركة الانتقالية. قضى سي بوشعيب خمس عشرة سنة بمنطقة دكالة دون أن يعود إلى مسقط رأسه بإحدى مدن الشمال.
ولج قاعة الدرس، كتب التاريخ في أعلى السبورة وأخذ المذكرة اليومية ليلقي عليها آخر نظرة قبل الشروع في العمل. تركها جانبا وتوجه إلى القاعة وامتدت يده لبعض الكراسات للإطلالة عليها، وجد تمرين الأمس غير مصحح، فجلس هناك وأخرج قلما أحمر من جيبه وشرع في تصحيحها. المفتيش أو «المفتيس» لا يقبل بمثل هذه التصرفات، أي لا يمكنه أن يسمح بعدم تصحيح كراسات التلاميذ.
لم ينتبه إلا والتلاميذ مصطفون أمام القاعة، انتبه فوجد عقرب الساعة فوق الثامنة والثانية عشرة بالضبط. انتفض من مكانه وطلب من التلاميذ ولوج قاعة الدرس. كان الجو باردا. وكان أغلب التلاميذ يرتدون جلابيب صوفية وأحذية بلاستيكية. بدأ الأستاذ بوشعيب في إلقاء درس الرياضيات الذي يأتي على رأس استعمال الزمن.
مرت بعض الدقائق على بداية الدرس، حين وقف المفتش أو «المفتيس» بالباب، ودون أن يأذن له الأستاذ بالدخول، توجه إلى حيث يوجد مكتبه. جلس فوق الكرسي وأخرج كراسة من محفظته وتناول المذكرة اليومية للتعرف على جدول الدروس. وطلب من سي بوشعيب مواصلة عمله.
واصل المدرس إلقاء درس الرياضيات وكان من حين إلى آخر يلقي ببصره اتجاه المفتش. انتهى من الدرس ومر إلى مرحلة التطبيقات. طلب منه الزائر بعض المعلومات الشخصية، كالرتبة والمدة التي قضاها فيها وتاريخ التوظيف. جمع المفتش أغراضه وخرج أمام القاعة. تبعه الأستاذ بوشعيب ظنا منه أنه سيناقش معه مراحل الدرس وطريقة العمل، سأله عن إحدى الفرعيات وعن كيفية الذهاب إليها.
علم المفتش أن لا سبيل للالتحاق غير دراجة سي بوشعيب، سأله إن كان بإمكانه نقله إلى الفرعية المذكورة. لم يكن لسي بوشعيب خيار. طلب من زميله الاهتمام بتلامذته وأدار محرك دراجته النارية وطلب من المفتش الركوب وراءه. حرك دواسة الدراجة النارية ولم يكد يقطع بعض الأمتار حتى سمع تعليقات التلاميذ. التفت إلى الوراء، فشاهد المفتش يحاول الوقوف بعد سقوطه. وسمع تعليق أحد التلاميذ وهو يضحك، «والمفتيس طاح في الغيس».
أحمد ذو الرشاد (الجديدة) assabah
مواضيع مماثلة
» مـعـلـم في الأرياف : تازناخت...أو "الطريق إلى كابول"
» مـعـلـم في الأرياف : "الـبـوط والكبـوط" و أشـيـاء أخـرى
» الزوجة عندما تفتقد لزوجها عندما يكون في البيت
» عندما احببتك
» عندما خلق الله المراة
» مـعـلـم في الأرياف : "الـبـوط والكبـوط" و أشـيـاء أخـرى
» الزوجة عندما تفتقد لزوجها عندما يكون في البيت
» عندما احببتك
» عندما خلق الله المراة
موقع الوظيفة العمومية للدعم و المساعدة :: منتدى الوظيفة العمومية :: قسم استفسارات المترشحين للمباريات العمومية :: المترشحين لمباريات المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى